الأحد، 18 مايو 2008

تنفيذ مشاريع جدة.. بالبركة ودعاء الوالدين


تحقيق: بسام بادويلان - جدةتصوير: سعود المولد/جريدة المدينة

قد لانبالغ إذا قلنا إن تنفيذ المشاريع في جدة يتم في بعض الأحيان «بالبركة» وضربة الحظ وفوقهما «دعاء الوالدين» لغياب أي خرائط عن مخططات البنية التحتية للخدمات تحت الأرض.. فحوى هذا الكلام ليست من عندنا بل على لسان وكيل أمين جدة للمشاريع الذي تحدث بإسهاب شديد في التحقيق التالي عن أوجاع مشاريع جدة، فقد ينفذ مقاول مشروعه سريعا إذا لم يصطدم بشبكة خدمات للكهرباء أو الاتصالات أو قناة للصرف يجب نقلها من أجل تنفيذ المشروع الجديد، أما المقاول الذي لم يسعفه الحظ فهو الذي يواجه عقبات في نقل الخدمات تحت الأرض دون أن يكون هناك مخطط لها، إذ يقف بين خيارين أحلاهما مر، الأول: الانتظار لحين تغيير مسار المشروع وهذا صعب والآخر أن ينفذ ويتحمل التكاليف هو دون الوقوف في طابور البيروقراطية الذي لا نهاية له.

توسيع قاعدة المقاولين

تعتزم أمانة جدة للمرة الأولى تنفيذ خطة جديدة موسعة على مرحلتين بأسلوب عالمي في شهر سبتمبر المقبل، تتضمن الأولى التوسع في قاعدة المقاولين من خلال استقطاب المقاولين المحليين والأجانب، والثانية تطبيق الإدارة الحديثة في «برنامج إدارة المشاريع»، وذلك بهدف تحسين جودة المنتج النهائي بسرعة عالية من خلال رفع مستوى المقاولين.

وأوضح المهندس إبراهيم كتبخانة «وكيل أمانة جدة للمشاريع» أنه سيتم إنشاء مكتب لإدارة المشاريع يتولى التخطيط للمشاريع، ودراستها، ومراجعتها، وطريقة تنفيذها وفق المواصفات والمعايير الموضوعة بجودة عالية ووفق جدولة زمنية محددة، مؤكدا إلزام المكاتب الهندسية بتطبيق مواصفات المشاريع المحددة، وعمل التكاليف، والتقديرات الواقعية الزمنية بشكل دقيق، وكذلك الإشراف على تنفيذ المشاريع من خلال البرنامج ذاته، وأشار في الوقت ذاته إلى أنه سيتم في المرحلة الأولى التعاقد مع شركات عالمية لإعداد الإجراءات التي تخص المكتب، وتوفير الخبرات بالتوازي مع المهندسين السعوديين لتطوير من قدراتهم ومهاراتهم.

وأشار إلى البدء في استقطاب شركات أجنبية صينية لتنفيذ المشاريع الكبيرة، ومن المنتظر أن تبدأ إحداها بتنفيذ مشروع تقاطع نفق «الأمير ماجد مع عبدالله السليمان» الشهر المقبل.

وأرجع تأخر تنفيذ المشاريع إلى عدم وجود معلومات عن مواقع الخدمات التحتية أثناء الحفر بعد ترسية المشروع على المقاول، بجانب ضعف التنسيق بين الجهات المعنية والمسؤولة عن الخدمات سواء شركة الكهرباء أو الاتصالات أو إدارة الصرف الصحي أثناء نقل الخدمات وعمل الدراسات لها، بالإضافة إلى عدم وجود ميزانية ضمن عقود تنفيذ المشاريع تتضمن تغطية تكاليف نقل الخدمات الأرضية كما أن تنفيذ المشاريع يتطلب دراسة مرورية معتمدة تحتاج إلى وقت إضافي للحصول على اعتماد إدارة المرور لفتح أو إغلاق شارع أو تحويله أو جزء من المشروع وقلة إمكانات بعض المقاولين المادية والبشرية.

وأكد أن الأمانة لا تحمّل المقاول تكاليف الخدمات الأرضية، وذلك لعدم تضمنها في عقد ترسيه المشروع، وقال: إن اعتماد إضافة تكاليف الخدمات الأرضية إلى المشروع يحتاج إلى وقت لتغيير عقد العمل. وأكد مخالفة بعض المقاولين وإنهاء عقودهم لعدم مقدرتهم، وبيعهم المشروع إلى مقاول آخر ضعيف من الباطن لا يقوم بالتنفيذ وفق المواصفات المقررة. وعن ترسية المشاريع قال: إن نظام المشتريات الحكومية واضح، حيث تتم ترسية بعضها حسب تصنيف المقاولين.

وأوضح أن مدينة جدة ستشهد تحرير الحركة المرورية خلال السنوات الثلاث المقبلة بشبكة من الجسور والأنفاق تصل إلى 30 نفقا وجسرا، متوقعا أن تنهي أكثر من 80% من الاختناقات المرورية خاصة في المناطق الحضرية. وقدر إجمالي تكلفة المشاريع التي تشهدها مدينة جدة خلال السنوات الثلاث المقبلة هي 4.4 مليارات ريال، 50% من قيمتها تحت التعاقد، و50% منها تحت التنفيذ، موزعة على جزءين، الأول: مشاريع التشييد بتكلفة 3.4 مليارات ريال، ومليار ريال صيانة.

إنشاء هيئة عليا للمشاريع

من جهته أيد الدكتور عبدالرحمن يماني «رئيس لجنة الطرق بالمجلس البلدي بجدة» إنشاء هيئة عليا لتطوير مدينة جدة لتسريع ودفع المشاريع التنموية على أن تكون قوية على غرار الهيئة العليا لتطوير الرياض، مشيرا إلى وجود لجنة تنسيقية مكونة من أمانة جدة والصرف والهاتف والكهرباء تقوم بالتنسيق مع المقاولين. مؤكدا أن أداء ونجاح اللجنة دون المطلوب مما يستدعي المزيد من التعاون، وقال إن سلطات هذه اللجنة محدودة لاسيما على صعيد إلزام المقاولين بإعادة تنفيذ المشاريع الرديئة وذلك نتيجة لالتزامهم بجهات حكومية أخرى.

وأشار إلى أن أبرز مشكلات جدة: قلة المقاولين وضعفهم، وكذلك عدم وجود خرائط للبنية التحتية تحت الأرض، حيث يفاجأ المقاول في بعض الأحيان بمشكلات وإشكاليات قديمة بسبب غياب المعلومة أو الخرائط عن مشاريع الخدمات الأرضية.

وطالب يماني وضع الشركات التي لا تلتزم بتنفيذ عقود المشاريع في القائمة السوداء، مؤكدا عدم توفر مشرفين بالدرجة الكافية للمشاريع الجاري تنفيذها، واقترح تطبيق نظام الضمانات الكبيرة لمحاسبة المقاولين والحسم منها في حالة القصور بالإضافة إلى فتح الباب للمنافسة أما الشركات الأجنبية لتقديم أفضل الخدمات الجيدة وبأقل التكاليف.

غياب المخططات عن البنية التحتية

من جهته أكد المهندس فائق محمود خياط «عضو لجنة المكاتب الهندسية بغرفة جدة» أن غياب المعلومات والمخططات عن شبكات الخدمات الموجودة تحت الأرض عائق رئيس أمام تنفيذ معظم المشاريع، حيث يبقى المقاول أمام خيارين الاول: هو أن يتحمل التكاليف الزائدة، أو ينتظر الموافقة على تغيير المسار، وهو ما يستغرق وقتا طويلا يؤدي إلى التأخير، لافتا في الوقت ذاته إلى وجود إشكاليات أخرى تتعلق بصرف مستحقات المقاولين وضعف الكفاءة والتدخل من بعض الجهات الأخرى وضعف التنسيق.. إلا أنه عاد وأكد على أهمية المتابعة الجادة للمشاريع من الجهة المالكة بشكل دوري ودقيق للحد من أي عقبات أولا بأول واقترح التخطيط للمشاريع وجدولتها قبل 5 سنوات، وليس في وقت قصير كما يحدث في الوقت الراهن، مؤكدا أن ذلك لا يتيح الوقت الكافي لهذه الجهات لتنفيذ المشاريع بالصورة التي يتطلع لها الجميع.

وأشار إلى مخاوف المقاولين من سحب المشاريع في حال عدم الالتزام بعد الحصول على الاعتماد المالي من وزارة المالية وهو الأمر الذي يعيد المشاريع إلى المربع «صفر» من أجل إعادة الطرح على مقاول آخر مرة أخرى ولفت إلى أن 30% من المقاولين غير أكفاء وليس لديهم القدرة الإدارية والمالية لتنفيذ مشاريع كبيرة وضخمة، مطالبا بضرورة تأهيلهم قبل دعوتهم لتقديم عروضهم.

مقاضاة الجهات الحكومية

وعلى الصعيد ذاته أوضح محامون ومستشارون قانونيون أن بإمكان المتضررين من تعثر تنفيذ مشاريع الطرق والأنفاق والجسور أن يتقدموا برفع دعوى قضائية إلى ديوان المظالم بشرط أن يكون الضرر الذي لحق بهم واضحا، مطالبين بضرورة نشر ثقافة المحاسبة على التأخير أو الإهمال في تنفيذ المشاريع، وفي هذا السياق أوضح المحاميان سعيد الزهراني وياسين خالد خياط أن من حق المتضررين من تأخر تنفيذ مشاريع الأنفاق أو الجسور عن المدة الزمنية المتفق عليها في العقد اللجوء إلى ديوان المظالم لرفع دعوى قضائية نتيجة الضرر الذي لحق بهم ضد المصلحة الحكومية، ولاسيما وإن كان الضرر واضحا مثل خسائر أصحاب المحلات التجارية أو نتيجة وقوع أحدهم في حفرة، لكنهما أعربا عن أسفهما وقالا إن هذه الثقافة ليست موجودة ولا مطبقة لدينا، ولكن بالإمكان أن تكون شكوى أو مظلمة بدلا من أن تكون دعوى فضائية.


ليست هناك تعليقات: