الاثنين، 19 مايو 2008

طوابير العقار

رائد برقاوي
لا عجب ان تكون “الطوابير” هي السمة البارزة في المعرض العقاري الذي اقيم في ابوظبي الاسبوع الماضي ، وان تكون فئات المشترين من الشرائح كافة ومن المواطنين والمقيمين .

والعجب في ان يحضر البعض منذ الصباح الباكر ومعه وثائقه وشيكاته ولا يعرف وهو ينتظر دوره سعر الوحدة السكنية التي ينوي شراءها، أو مواصفاتها الفنية والهندسية أو حتى موقعها .

هذا الاستغراب يصبح عادياً اذا ما نظرنا الى الواقع الايجاري الذي يعاني منه الجميع، فالايجارات باتت تستحوذ على اكثر من ثلث راتب متوسطي الدخل وهي ايضا مسؤولة عن اكثر من ثلث التضخم في البلاد .

واذا صحت توقعات ما ذهب اليه صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير ان ما تم انجازه في السوق العقاري في الامارات في العام الماضي يبلغ 20 ألف وحدة سكنية فقط من اصل 60 ألف وحدة سكنية كان من المفترض ان تدخل السوق طبقا لتقديرات سابقة، فإن ذلك يعكس عمق الشح في المعروض العقاري، ويفسر استمرار ارتفاع الايجارات .

واذا أضفنا الى ذلك ان التباهي بين المطورين على اطلاق مشاريع المليارات اخذ بعداً جديداً، فإن الأزمة ستزداد تفاقما، لأن عامل الإنجاز لم يعد بيد هؤلاء مهما بذلت الجهود، فالمقاولون في نهاية المطاف لديهم طاقة استيعابية لا يستطيعون تجاوزها، وان حصل فإن البنية الاساسية المرتبطة بالمشاريع من كهرباء وماء وطرق وصرف صحي ستكون العائق .

أمام ما تقدم تصبح ظاهرة الطوابير “صحية” ويبدو انها مرشحة للاستمرار في المرحلة المقبلة لأسباب عدة تتلخص في التالي:

ان التجارب السابقة للتملك الحر اظهرت ان الشراء اكثر جدوى من الايجار، فجميع من مضى في هذا الطريق من الافراد ضاعف مدخراته مرات عدة بعد ان ارتفعت الاسعار300 الى 800% خلال أقل من خمس سنوات .


ان التوازن في السوق العقاري في دولة الامارات سوف يحتاج الى خمس سنوات على الاقل للتحقق بسبب ضعف الانجاز على كثرته أي ان الايجارات مرشحة لمزيد من الارتفاع .

ان اقتصاد الامارات مرشح لتوفير نمو أكبر ما يعني ان اعداداً جديدة ستفد الى البلاد ، وهذا سيخلق طلبا اضافياً على الخدمات كافة وتحديداً السكن، ما يؤجل بدوره التوازن العقاري الى خمس سنوات اخرى .

ان تفاقم التضخم يجعل الاصول قناة استثمارية أجدى من النقد .

* نقلا عن جريدة "الخليج" الإماراتية.

ليست هناك تعليقات: