الاثنين، 12 مايو 2008

الرهن العقاري.. القديم الجديد


جريدة الرياض/علي القحيص

ينتظر ان يطل علينا نظام للرهن العقاري قريباً، النظام الذي يناقشه مجلس الشورى حاليا بعد أن أكملت الجهات المعنية صياغة ومراجعة جميع مواده.

وينتظر أن تأخذ الجوانب التشريعية حيزا كبيرا من مناقشات المجلس للنظام الذي يقع في 49مادة ، وقبل الحديث عن هذا النظام واستشراف الافاق التي قد يحملها على الصعيد الاقتصادي ، لا بد لنا من الاشارة اولا الى ان الاهمية التي يتمتع بها هذا النظام المرتقب، في ظل التطور الحضاري والعمراني الكبير الذي تشهده المملكة على كافة الاصعدة وفي مختلف المجالات.

وكان عدد من المختصين والعاملين في سوق العقارات السعودي قد طالبوا بضرورة دراسة وضع التمويل العقاري في البلاد والذي يشهد ضعفا واضحا في السوق العقاري مع ابتعاد الجهات المالية عن تطويره او تقديم تسهيلات تساعد وتواكب التطور الحاصل في السوق العقارية السعودية في الوقت الراهن، مطالبين في الوقت ذاته بتطوير وطرح قنوات مالية وشركات ومؤسسات وبنوك تعمل في مجال البيع والشراء والتأجير والاستثمار في العقارات، الأمر الذي من شانه ان يساهم في زيادة دفع عجلة التنمية العقارية في البلاد عبر ضخ اموال كبيرة في مشاريع تدعم الناتج المحلي في الاقتصاد الوطني.

وتجدر الاشارة هنا الى ان تاريخ التمويل العقاري في السعودية يعود في الواقع الى ثلاثين سنة مضت عندما صدر مرسوم ملكي بإنشاء صندوق التنمية العقارية برأس مال قدره 250مليون ريال ( 66مليون دولار)، يعمل على إقراض المواطنين لتمويل بناء المساكن الخاصة، بقيم مختلفة تتراوح ما بين 200و 300الف ريال يتم سدادها خلال مدة تصل إلى 25عاماً.

وقطفت ثماره فئات المجتمع في تلك الفترة عندما كان هذا المبلغ يفيض عن شراء سكن كامل أما الآن فقيمته لاتعادل قيمة الأرض وحدها التي يشيد عليها السكن، علماً بأن أغلب المقترضين لم يقوموا بتسديد المكرمة السامية مما جعل صندوق التنمية يشكو من عدم تسديد المشتركين، بينما في دولة الإمارات مثلا نجد أن قيمة القرض تبلغ (مليونا ومائتي درهم إماراتي)..

بالاضافة إلى تقديمه لقروض متوسطة الاجل تقدم إلى المستثمرين لبناء المجمعات السكنية والمكتبية والمعارض التجارية ويمول تلك المشاريع بنسبة 50في المئة بحد أعلى يصل إلى 10ملايين ريال ( 2.6مليون دولار)، الا ان هذا الصندوق لم يقدم اكثر من 4بالمئة فقط من إجمالي رأس ماله لتمويل المشاريع، وذلك لتمويل الافراد لانشاء مساكنهم الخاصة الامر الذي أنشئ من أجله.

وينتظر الكثير من المهتمين بسوق العقارات سواء على مستوى الشركات والمؤسسات او الافراد البدء بنظام الرهن العقاري لكي يستفيدوا من الفرص التي يقدمها هذا النظام في انعاش السوق العقاري، وحل احدى أهم المشكلات الكبيرة وهي قضية السكن، ومن المعروف ان الرهن العقاري يكسب به الدائن حقاً عينياً على عقار معين يقضي النظام بوجوب تسجيله، ويكون له بمقتضاه أن يتقدم على جميع الدائنين العاديين والتالين له في المرتبة في استيفاء دينه من ثمن ذلك العقار .

ويشترط في مقابل الرهن أن يكون ديناً ثابتاً في الذمة، أو موعوداً به محدداً، أو عيناً من الأعيان المضمونة على المدين، أو ديناً مآله إلى الوجوب كدين معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين احتمالي على أن يتحدد في عقد الرهن مقدار الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين.

ومع ان المجال قد لا يتسع لشرح مواد نظام الرهن العقاري المنتظر الا اننا نلاحظ ان النظام المذكور يحاول ان يرسم طبيعة العلاقة بين الاطراف المتداخلة في الرهن العقاري بما يضمن ارضاء جميع هذه الاطراف والحفاظ على مصالحها، وتترقب الأوساط السعودية اكتمال منظومة السوق العقارية العام الجاري 2008بصدور نظام الرهن العقاري والأنظمة والإجراءات المكملة له، بما يساعد على القضاء على معوقات السوق لجهة توفير التمويل اللازم الذي يحتاجه المطورون العقاريون والأفراد الراغبون في تملك المساكن، لا سيما مع ازدياد الطلب على المساكن في المجتمع السعودي الذي يوصف بانه مجتمع شاب ويبدو أن عام 2008سيكون عام العقار في السعودية، مع دخول شركات متخصصة في التمويل العقاري، إذ أعلنت إحدى الشركات في هذا المجال دخول السوق، وأطلقت خطة عملها وبدأت في استقبال الراغبين بالحصول على تمويل، ولم تنتظر صدور نظام الرهن العقاري الذي يعول عليه في المساعدة في حل أزمة العقار.

ومن المفيد ذكره هنا ان نظام الرهن العقاري اذا ما تم العمل به سوف يفتح بالتاكيد الافاق للكثير من المشاريع الاسكانية ، خاصة اذا ما تمت هذه الخطوة باشراف ومتابعة الجهات المعنية بالدولة بشكل دقيق وكبح جماح ارتفاع أسعار مواد البناء التي تفاقمت قبل ولادة هذا النظام، وخطوة كهذه مع انها ستكون مفيدة جدا لشركات العقارات والمؤسسات المالية على اختلافها التي ستقوم بعمليات التمويل الا ان لها فوائد كبيرة ايضا على الشريحة الكبيرة من الناس من اولئك الذين يحلمون بامتلاك منازلهم الخاصة بطرق سهلة ومعقولة وبانتظار ان يصار الى البدء بنظام الرهن العقاري في المملكة تبقى انظار الكثيرين سواء كانوا افرادا او شركات او غيرها مشدودة لنمو محتمل في سوق العقارات السعودي مما يتماشى والتطور الحضاري المضطرد الذي تشهده المملكة في مختلف الميادين، خاصة وان تامين المسكن اللائق والذي يضمن كرامة المواطن وسعادته يعد من الاهداف الاساسية التي تضعها المملكة في سلم اولوياتها..

ليست هناك تعليقات: