الاثنين، 12 مايو 2008

مستقبل العقار في ظل أزمة مواد البناء


الاقتصادية/عبد المجيد بن عبد الرحمن الفايز
تحتاج المملكة حسب بعض الدراسات إلى نحو 500 ألف وحدة سكنية بشكل عاجل كي تعيد التوازن للسوق العقارية، وتشير دراسات أخرى أننا في حاجة إلى استثمار نحو 120 مليار ريال سنويا (الدولار يعادل 3.75 ريال) في سوق الوحدات السكنية، لكن يبدو لي أن مثل هذه الأرقام ستظل مجرد أمنيات إذا ما استمرت أزمة مواد البناء واستمر التصدير وتلاعب كثير من المنشآت العاملة في هذا النشاط.

ليس خافيا على أحد أن طن حديد التسليح ارتفع سعره إلى ما يقارب 4400 ريال في بعض المقاسات بزيادة تصل إلى 100% خلال عامين, وليس خافيا على أحد أن متر الخرسانة الجاهزة ارتفع بنسب كبيرة, وأن البلوك شح من الأسواق وارتفع سعره, وأن الحدود العراقية ـ الكويتية تزدحم بالأسمنت السعودي المصدر, وأن العمالة ارتفعت أجورها وأن الأراضي هي الأخرى ارتفعت أسعارها, وليس خافيا على أحد أن تكلفة البناء ارتفعت أكثر من 50% على الأقل خلال فترة قصيرة.

كل هذا يحدث في ظل صمت مطبق من قبل الجهات ذات العلاقة, فطن الحديد يصل إلى هذه الأسعار والتصدير إلى دول الخليج لا يزال مفتوحا والأسمنت يشح من السوق ويرتفع سعره 50% والتصدير على "قفا من يشيل" كما يقول المثل العامي المعروف.

هناك من يفهم السوق الحرة التي تعتمدها المملكة منهجا اقتصاديا بطريقة معكوسة, فهم يعزلونها عن التطورات الحاصلة في السوق المحلية وربما لم يصلهم أخبار منع الحكومتين المصرية والهندية تصدير الأرز, ولم تصلهم أخبار وضع رسوم على تصدير كثير من السلع في العالم، يتركون المنتجات الوطنية تصدر للخارج في وقت يحتاج فيه الداخل إليها.

يسمحون برفع أسعار المنتجات في السوق المحلية بحجة أن الأسواق المجاورة ارتفعت الأسعار فيها، ربما لا يعلمون أن هناك مصالح وطنية عليا وأن هناك اقتصادا منفصلا اسمه الاقتصاد السعودي، ربما لا يعلمون ما يجب عليهم القيام به في وقت ارتفع فيه صوت التجار والصناعيين وخفت صوت المستهلك المسكين الذي أوكلت الدولة حمايته لجهات حكومية وضعت هذا الهدف في ذيل اهتماماتها.

في هذه الأثناء يرتفع معدل التضخم وتشير وزارة المالية إلى أن أحد أهم أسبابه هو ارتفاع تكلفة البناء التي انعكست على أقيام الإيجارات وأسعار بيع الوحدات السكنية، فوصل إيجار الشقة إلى 30 و40 ألف ريال.

في وقت تحقق فيه شركات الأسمنت أرباحا طائلة بالأسعار السابقة تصل إلى نحو 50% من إجمالي مبيعاتها, وهو هامش ربحي لا تحققه شركات أي قطاع آخر, وفي وقت تصل فيه أرباح السهم الواحد إلى ستة ريالات قياسا بقيمته الاسمية البالغة عشرة ريالات لا يزال كثير منها يجتهد لمضاعفة هذه الأرباح الذهبية عن طريق تصدير منتجاتها إلى أسواق خارجية مثل العراق ودول الخليج العربي وتترك السوق الداخلية التي أسهمت في تحقيقها هذه الملاءة المالية المرتفعة والأرباح الضخمة تعاني شح المعروض وغلاء ثمنه.

الحل يكمن في كلمتين لا غير, هما: (يمنع التصدير) اجعلوا هؤلاء يلاحقونكم للسماح بالتصدير بدلا من أن تلاحقوهم أنتم وتتمنون عليهم عدم التصدير، اجعلوا المصالح العليا للاقتصاد الوطني غاية أي تحرك في هذا المجال, انظروا إلى متطلبات الداخل ولا تنظروا إلى متطلبات تلك الشركات الربحية، احسبوا فقط حجم المبالغ التي ستتحملها خزانة الدولة كفروقات لأقيام المشاريع وستحسمون الأمر فوراً.

الأمر يحتاج إلى قرار حازم عاجل لا اجتماعات وتنظير لا طائل منهما سوى تقطيع الوقت فالأمر خطير وجدي ولا يحتمل التأخير يا وزارة التجارة.

ليست هناك تعليقات: