السبت، 12 أبريل 2008

تعثر 136 مشروعاً حكومياً والمقاولون يخشون الإفلاس

بسبب الارتفاع المستمر لأسعار مواد البناء وغياب آلية التعويض
تعثر 136 مشروعاً حكومياً والمقاولون يخشون الإفلاس




الوطن/الرياض: عدنان جابر

عبر مسؤولون ومختصوص في قطاع المقاولات السعودي الذي يمثل ثاني أكبر ناتج في المملكة بعد البترول عن مخاوفهم من الإفلاس والخروج من السوق وعرض معداتهم للبيع في حال الارتفاع المتواصل لأسعار مواد البناء وغياب آليات التعويض. وقال مقاولون تحدثوا لـ"الوطن" إن هناك مخاوف حقيقية من مجابهة نفس المصير الذي تعرض له هذا القطاع خلال الطفرة الأولى في عقد السبعينات من القرن الماضي. ووفقاً لهؤلاء فقد تعرضوا لخسائر في تعاقداتهم وصلت لدى البعض إلى 20% على أقل تقدير.

وبين مدير عام شركة المشرق للمقاولات أحمد بن محمد الفالح أن هناك نقصاً واضحاً في حجم المعروض من خدمات المقاولات مقابل المشاريع التي تعرض حالياً بسبب مخاوف البعض من استمرار ارتفاع الأسعار وعدم وجود آلية للتعويض أثناء التنفيذ.

وأوضح الفالح أن 136 مشروعاً حكومياً تعثر إنجازها خلال العام الماضي نتيجة هذه المشاكل، متوقعاً أن تزداد القائمة هذا العام بسبب غياب الحلول.

يواجه قطاع المقاولات السعودي ضغوطا متواصلة مع ارتفاع أسعار كافة مواد البناء، وغياب آليات واضحة لتعويض شركات المقاولات من ارتفاع الأسعار، التي وصلت معدلات مرتفعة جدا وخاصة في أسعار الحديد، وفرض قيود على استقدام العمالة، الأمر الذي أدى إلى تردد كثير من المقاولين المحليين في التقدم للمنافسة على المشاريع الحكومية، وعزوف المقاولين الأجانب عن الدخول.

وقال مقاولون لـ"الوطن"، إن هناك مخاوف من مجابهة المصير نفسه، الذي تعرض له هذا القطاع خلال الطفرة الأولى في عقد السبعينات من القرن الماضي، عندما تعرض البعض للإفلاس والخروج من السوق، وعرضوا معداتهم للبيع، خاصة أن بعض المقاولين كشفوا صراحة عن تعرضهم لخسائر في تعاقداتهم وصلت لدى البعض إلى 20 % على أقل تقدير.

وذكر مدير عام شركة المشرق للمقاولات أحمد بن محمد الفالح، أن هناك نقصاً واضحاً في حجم المعروض من خدمات المقاولات مقابل المشاريع التي تطرح حاليا، لأن هناك مخاوف تنتاب البعض حيال استمرار ارتفاع الأسعار في ظل غياب آلية واضحة للتعويض أثناء التنفيذ.

وأوضح الفالح "أن 136 مشروعا حكوميا تعثر إنجازها خلال العام الماضي نتيجة هذه المشاكل، معتبرا أن هذه القائمة ستزيد هذا العام، بسبب غياب الحلول، وقال "هناك مشاريع تطرح ولا يتقدم لها أحد، لأن البعض ينأى بنفسه عن المخاطرة مع غياب آلية للتعويض"، وتابع "يجب أن نتساءل عن أسباب غياب المقاولين الأجانب، وخاصة الصينيين عن تنفيذ المشاريع الضخمة المطروحة، والجواب يتعلق بعدم وجود آلية لتعويض المقاولين عن ارتفاع الأسعار، والتي يتم تطبيقها في دول كثيرة".

ويذهب الفالح للقول إلى أن المقاولين في المملكة يعانون أيضا من صعوبة الحصول على مادة البتومين الخاصة بالإسفلت والتي باتت تباع في السوق السوداء بأكثر من سعرها المعتمد لدى شركة أرامكو.

وكشف الفالح الذي ترتبط شركته حاليا بالتزامات تعاقدية تصل قيمتها الإجمالية إلى 1.8 مليار ريال أنه يواجه خسائر قد تصل إلى 20% من قيمة هذه العقود على أقل تقدير بسبب تلك المشاكل، التي يرى أن وزارة المالية تعتبر مسؤولة عن ظهورها، وقال "إن الأنظمة التي تضعها وزارة المالية لا تتناسب مع طبيعة المرحلة، وخاصة ما يتعلق بالتعويض"، مطالبا بأن يقتصر عمل الوزارة على إدارة المال فقط، وأن تنأى بنفسها عن سن الأنظمة والقوانين، معتبرا أن الوضع الذي يواجهه المقاولون السعوديون لا يخدم توجهات القيادة الرامية إلى جعل المملكة ضمن قائمة الدول العشر الأولى من حيث الجاذبية الاقتصادية مع حلول عام 2010. وقال "القادم سيكون أسوأ، لأننا لا نرى أي تحرك من قبل وزارة المالية في تفهم وضع المقاولين واحتياجاتهم".

من جهته أكد راشد بن محمد الراشد، عضو لجنة المقاولين في غرفة الرياض، ونائب مدير عام شركة الراشد والمنقور للمقاولات، أن هناك مخاوف من تعطل المشاريع نتيجة ارتفاع الأسعار الذي يواجه قطاع البناء، وغياب آلية للتعويض.

وقال الراشد "في كثير من دول العالم توجد آلية، وهي غير مطبقة هنا، رغم أن ذلك جزء من ثقافتنا وعاداتنا".

وتابع "عندما صدر قرار مجلس الوزراء بتعويض المقاولين قامت وزارة المالية بوضع نظام يلزم المقاولين برفع مطالبهم عبر لجنة شكلت لهذا الغرض بدلا من ديوان المظالم، وهو أمر غير مفهوم، ويسهم في عرقلة الأمر".

وأشار الراشد إلى أن القرار كان واضحا ويدعو للاسترشاد بعقد "فديك"، وهو المطبق في كثير من دول العالم، كما أن عقد الأشغال العامة في المملكة يسترشد به، ولكن في البنود التي تحفظ حق الدولة، ويتغاضى عن حق المواطن.

وأوضح الراشد أن هناك جهات حكومية تشتكي حاليا من عزوف المقاولين عن تنفيذ مشروعاتها، معتبرا أن المقاولين الأجانب يبدون عزوفا من صيغة العقود الموجودة في المشاريع الحكومية، فضلا عن المخاوف تجاه المؤشرات الحالية المتعلقة بارتفاع الأجور، وانخفاض سعر صرف العملة، وتزايد معدلات التضخم.

وقال "هذه المؤشرات ليست مغرية لقدوم المقاول الأجنبي، كما أن صيغة العقود لا تعوض عن ارتفاع قيمة مواد البناء أثناء تنفيذ العمل".

ليست هناك تعليقات: