الثلاثاء، 15 أبريل 2008

7 مليارات ريال لمشروع الصرف الصحي بجدة تتعرض للاعتداء والسرق

مشكلة الطفح مزمنة وعملية التنفيذ تواجه عثرات
7 مليارات ريال لمشروع الصرف الصحي بجدة تتعرض للاعتداء والسرق


مياه صرف صحي متراكمة أمام بوابة إحدى المدارس بجدة
الوطن/جدة: حسن السلمي
شوارع مغلقة، وأخرى لا تكاد تتسع لمرور سيارة واحدة، وميادين تحيط بها الأسلاك الشائكة والكتل الخرسانية، وأجزاء من شوارع تعرضت للهبوط الجزئي تنتشر في أجزائها لوحات صغيرة كتب عليها "نأسف لإزعاجكم، ونعمل في خدمتكم، وانتبه الشارع خطر ومغلق"، ومخططات سكنية أصبحت تميزها الأخشاب المغروسة في فتحات الصرف الصحي، وإطارات تالفة وضعها مواطنون حول هذه الفتحات لمنع وقوع السيارات فيها.

ربما يكون هذا الوصف هو الأقرب لمعظم شوارع المخططات والأحياء السكنية والميادين العامة بمدينة جدة.

ورغم ذلك، فالمواطنون قانعون بتحمل هذا الوضع، لأنه يجسد معاناة مؤقتة تعالج مشكلة أزلية عانت منها مدينة جدة طيلة السنوات الماضية، إنه مشروع السبعة مليارات ريال، والخمس سنوات لإنشاء شبكة منتظمة ومترابطة للصرف الصحي بجدة، لم يتم الانتهاء إلا من 10% منها تقريبا حتى الآن.

"الوطن" قامت بجولة ميدانية شملت معظم أحياء مدينة جدة، التي تعاني غياب الصرف الصحي، وتواجه جملة من مشكلات طفح المياه في الشوارع وحول البنايات السكنية.

ففي حي الربوة شمال جدة رصدت كاميرا "الوطن" طفحا هائلا لمياه الصرف في الشوارع الداخلية وأمام بوابات المدارس.

وفي هذا السياق، أبدى أحمد الغامدي، ويوسف علي، وخالد الحربي تذمرهم من استمرار طفح المجاري الذي بدأ يرهقهم، وزادت حدته في الآونة الأخيرة.

ووصفوا هذه المشكلة بالمزمنة التي تعاني منها معظم أحياء جدة، مؤكدين أن إزاحة مياه منازلهم تكلفهم أكثر من 10 آلاف ريال سنويا.

كما أبدوا تفاؤلهم بمشروع الصرف الصحي، الذي أعلنت عنه المديرية العامة للمياه بمنطقة مكة المكرمة، ولكنهم أكدوا تأخر تنفيذ المشروع، الذي بدأ فعلا يواجه مشكلات قد تعمق معاناتهم لسنوات طويلة مع المشكلة الأساسية لطفح مياه الصرف.

وفي مخطط عبيد المجاور لحي قويزة شرق جدة، طالب ناصر عبد الله، وطليق ملفي، وفهد الحربي من سكان الحي، بسرعة تنفيذ شبكة الصرف الصحي التي بدأت في حيهم منذ أكثر من سنتين، ثم توقفت منذ عام تقريبا، لتخفيف معاناة سكان الحي جراء الطفح المتكرر لمياه الصرف الصحي، وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على ممتلكات المشروع التي طالتها أيدي العابثين فتعرضت للسرقة.

وفي حين كشفت جولة "الوطن" بهذا الحي عن غياب تام لأكثر من 100 غطاء حديدي لأنابيب وغرف تفتيش شبكة الصرف بالمخطط، أكد هؤلاء المواطنون أن عمالة ترتدي زيا موحدا باللون الأزرق داهمت المخطط بعد صلاة المغرب في أحد الأيام قبل شهر تقريبا وصادرت جميع أغطية ممرات الصرف الصحي، وأن جميع هذه الفوهات المكشوفة تصطاد سيارات العابرين بصفة يومية مما اضطر السكان إلى وضع إطارات تالفة للسيارات حول هذه الحفر المكشوفة لتنبيه السائقين إلى أماكن وجودها.

وأوضحوا أنهم توجهوا في ذلك الحين بسؤال إلى العمالة عن سبب رفع أغطية ممرات الصرف من الموقع، فأفادوهم بأنهم ينتمون للشركة المنفذة للمشروع وأن ما قاموا به من مصادرة لأغطية الصرف الصحي إنما يهدف إلى تغييرها لتكون مطابقة للمواصفات والمقاييس، وهو ما نفاه أحد العاملين بالشركة المنفذة التي انتقلت للعمل في موقع آخر.

ووصف هؤلاء العمالة بالوهمية والمتنكرة بزي موحد، بهدف سرقة أغطية الصرف الصحي، مؤكدين أن هذه التجاوزات يتم حصرها وفق محضر رسمي يتم تسليمه للشرطة لتتولى البحث والتحري عن هذه العصابات ومتابعة أماكن بيع السكراب لكشف هؤلاء المعتدين.

وبالرغم من مواجهة 7 مليارات ريال رصدتها المديرية العامة للمياه بمنطقة مكة المكرمة لحل مشكلة الصرف الصحي بجدة لسرقة ملحقات الشبكة من أغطية وأنابيب حديدية تحت جنح الظلام، وفي أوقات الإجازات الأسبوعية مما أعاق استمرار العمل ببقية مراحل الشبكة فإن المديرية توقعت أن يتم الانتهاء منها في غضون خمس سنوات مقبلة.

ولكن "الوطن" رصدت مشكلات جديدة تواجه مشروع الصرف الصحي في المناطق التي تم الانتهاء جزئيا بها من أعمال الشبكة الداخلية والأنابيب الفرعية للصرف الصحي.

وتتمثل هذه المشكلات في تعدي بعض المواطنين على هذه الشبكة غير المكتملة بعد، وذلك من خلال توصيل منازلهم بها مباشرة مما عطل أعمال استكمال هذه الأنابيب، وفوجئ العاملون بها بسيل من المياه الملوثة يداهمهم أثناء العمل، وهو ما أكده بعض العاملين في شركات تنفيذ المشروع، وعدد من سكان هذه الأحياء، وكذلك مشكلة نقص احتياطات السلامة التي يتجاهلها بعض مقاولي مشروع الصرف الصحي مما تسبب في انهيارات أرضية راح ضحيتها بعض عمالة هؤلاء المقاولين، وعرضت حياة عابري الطرق التي تنفذ بها المشروعات إلى الخطر.

من جانبه، وصف المشرف العام على المديرية العامة للمياه بمنطقة مكة المكرمة المهندس محمد بغدادي توصيل مياه صرف صحي المنازل إلى الشبكة قبل تشغيلها بالاعتداء الذي يستوجب الغرامة على الشخص المعتدي وفق الأنظمة واللوائح.

وذكر أن عملية اكتشاف مثل هذه الاعتداءات تتم من خلال بلاغات المواطنين، ووقوف المختصين بالمديرية على الطبيعة في مواقع الأنابيب المعرضة للاعتداء ثم تحرير محضر بهذا الاعتداء.

وقال بغدادي إن الغرامة المالية تبلغ ألف ريال في المرة الأولى، وتتضاعف مع تكرار المخالفة، وأن المديرية ستضطر لسحب عداد المياه للمعتدي على الشبكة لإجباره على مراجعة المديرية والإيفاء بمبلغ المخالفة.

وكشف عن وجود مقاولين مخالفين لأنظمة السلامة في موقع العمل تم تطبيق الأنظمة والغرامات المالية بحقهم، وإن جولات ميدانية تنفذها المديرية العامة للمياه بمنطقة مكة المكرمة رصدت التزاما تاما بوسائل السلامة من قبل معظم المقاولين العاملين في مشروعات الصرف الصحي بجدة.

وبالرغم من أن مشكلة الصرف الصحي أزلية ارتبط اسمها بجدة، إلا أن المهندس بغدادي أكد تعرض مشروع القضاء على هذه المشكلة لمعوقات عديدة، مشيرا إلى أن اعتماداته المالية تجاوزت 7 مليارات ريال، وأن أبرز معوقات العمل الحالي كثرة التمديدات الأرضية للمياه والكهرباء والهاتف.

وقال إن خدمات الصرف الصحي تتم على مناسيب أكثر عمقا من هذه الخدمات الأمر الذي يتطلب الحرص على عدم تعريض هذه الخدمات للتلف، وتفادي الإضرار بها مما يحتاج إلى التأني والعمل بدقة وبالتالي يحدث تأخير في إنجاز مشروعات الصرف الصحي بالسرعة المطلوبة، إضافة إلى قلة العمالة المتخصصة، وكثرة الخدمات الأرضية في البنية التحتية وتعارضها مع مسارات خطوط الصرف الصحي، وغزارة المياه الجوفية.

وأوضح بغدادي أن فريقا من المديرية يتابع تنفيذ هذا المشروع، ويضم مهندسين لديهم خبرات كافية للتعامل مع مثل هذه المشروعات، إضافة إلى استشاريين لديهم خبرات تمكنهم من التعامل المباشر مع المقاول في موقع التنفيذ، وأن هناك جهازا فنيا يقوم بمتابعة أعمال الاستشاري والمقاول في موقع العمل، موضحا أن المديرية تعاقدت مع استشاري خبير لتوفير الدعم الفني لجميع فروع وإدارات المديرية للمساندة في متابعة المشاريع على الطبيعة.

ليست هناك تعليقات: