الاثنين، 28 يناير 2008

قروض «الصندوق».. حلم تجاوزته طفرة العقارات

في ظل ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء
قروض «الصندوق».. حلم تجاوزته طفرة العقارات

فهد الشيخ (جدة)
القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري للمواطنين لبناء منازلهم والتي لا تتجاوز مبلغ الـ (300) ألف ريال هل تكفي في ظل طفرة العقارات وارتفاع اسعار مواد البناء لتحقيق حلم كل مواطن في منزل العمر؟!. سؤال تطرحه هذه القضية في ظل أنظمة الصندوق المعمول بها لعشرات السنين والتي يرى الكثيرون انها ما عادت تؤدي الغرض منها مطالبين بمنحها دفعة واحدة بدلا من تجزئتها حتى يتسنى لكل مواطن تحقيق حلمه في بناء منزله، فيما استغرب البعض تفرقة الصندوق في منحه بين المدن والقرى. يوضح الاقتصادي المعروف عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودي انه في السبعينات اقر المبلغ المخصص من قبل صندوق التنمية العقاري (ثلاثمائة ألف) وهو مبلغ جيد في حينه، أما الآن فيعد المبلغ غير كاف اطلاقا، ولنوضح الصورة أكثر فحسب تقييم صندوق النقد الدولي الأخير فان قيمة الريال قد انخفضت بنسبة 21% من عام 2000م حتى الآن، فبما ان قيمة الريال انخفضت واسعار مواد البناء والحديد وخلافه قد ارتفعت فيتوجب رفع قيمة القرض.
ارتفاع أسعار الأراضي
ويؤكد المهندس رائد العقيلي مدير عام لشركة مقاولات أن الدراسات العالمية اثبتت ان تأمين المسكن هو المطلب الاساسي للفرد، بل ان تملك المواطنين للمساكن تمثل عاملا قويا للازدهار العقاري والتنموي، فبعض الدول المتقدمة نسبة تملك المواطنين فيها يصل الى 100% وان 50% منهم يمتلكون منزلا آخر للاستجمام.
واضاف: من واقع عملي في قطاع المقاولات، اعلم ان هنالك مشاريع سكنية ضخمة جارية التنفيذ في أكثر من موقع في شمال جدة، ولكن يلاحظ عليها ان تكلفتها ستكون مرتفعة لأن تكلفة شراء الارض مرتفعة وهذا ينعكس على سعر الوحدة السكنية المباعة، والحل في وجهة نظري انه لو تم تنفيذ هذه المشاريع عن طريق الدولة أو عن طريق تخصيص اراض من الدولة للقطاع الخاص بتكلفة منخفضة أو معدومة فان ذلك سينعكس على ثمن العقار ويكون ضمن الحدود المقدور عليها للمواطن. مشيرا الى ان قيمة القرض المقدم من الصندوق العقاري لا يكفي حاليا، لأن متوسط تكلفة البناء للمتر الواحد لا يقل عن 1000 ريال، فاذا حسبنا البناء والاجرة والتشطيب فان المبنى ذا التشطيب العادي سيكلف قرابة ستمائة الف ريال، وهو ضعف المبلغ المقدم من الصندوق العقاري!!.
القرض لا يكفي
وقال العقاري المعروف خالد جمجوم بصفتي عقارياً ولدي معرفة بتكاليف البناء فأرى ان مبلغ ثلاثمائة ألف ريال حاليا غير كاف نهائيا، واني اطالب المسؤولين بزيادة المبلغ المخصص، ولكن يجب ان تكون الزيادة عن دراسة واقعية يقوم بها المختصون في هذا المجال.
احباط واكتئاب
ومن منظور نفسي يرى الدكتور سهيل بن عبدالحميد استاذ علم النفس في مستشفى الصحة النفسية بمدينة جدة انه بسبب ضخامة العدد المقدم لصندوق التنمية العقاري فيحتاج المستفيد لعشرات السنين ليأتي نصيبه في استلام القرض، بالاضافة الى ان المبلغ المخصص حاليا يعتبر غير كاف، فهذا السببان جعلا الكثير من المواطنين يصابون بفقدان الأمل من حصولهم للقرض وبالتالي خيبة املهم في تملكهم لمنزل الحلم، فقد يؤدي هذا الشعور لدى البعض الى الاحباط وعدم الثقة في النفس، فكثير من المواطنين لهم أكثر من عشرين عاما وهم على رأس العمل ولم يمتلكوا بيتا للعائلة يحتويهم.
والمح سهيل الى ان ارتفاع تكاليف الحياة الحالية من فواتير واقساط واستمرار المواطن في الاستئجار وعدم تملكه لمنزل قد يدخله بما يسمى بالاكتئاب التفاعلي (وهو الناتج عن مسبب) ويزيد مع مرور الوقت تعقدا، وقد يسبب له ضغوطاً نفسية تؤثر عليه في طباعه وأكله ونومه فيصاب بنقصان الوزن واضطرابات في النوم بل ويتعدى ذلك الى ضعف في ادائه لوظيفته وعمله وأيضا يؤدي لتوتر في حياته الزوجية والعائلية، منبها الى خطورة شعور الشخص بعدم الثقة في نفسه فان ذلك قد يؤدي الى اضطرابات الكرب (الناتجة عن الضغوطات) وكذلك الى اضطرابات التأقلم فتؤدي للاكتئاب المستمر والقلق الزائد فيلجأ المصاب كنوع من التنفيس الخاطئ الى الشراهة في التدخين، وبعض ضعاف النفوس منهم يلجأ للطرق الخاطئة والمحرمة لمحاولة نسيان واقعه المر وهي وسائل مضرة على النفس والمجتمع.
زيادة المبلغ
من جهته أخبر الاستاذ حسين بن راجح الزهراني مدير فرع صندوق التنمية العقاري بمنطقة مكة المكرمة انه لم يصلهم حتى هذه اللحظة ما يفيد زيادة المبلغ الى خمسمائة ألف ريال وان القائمين على الصندوق لا يألون جهدا في تقديم ما فيه الخير للمواطن.
انتظار طويل
ويروي عدنان ابو شال انه علم من احد العاملين في صندوق التنمية العقاري ان اغلب انظمته المعمول بها لها أكثر من 33 عاما فاستغرب كثيرا فلماذا لا يتم زيادة المبلغ المعطى فما كان يكفي منذ ثلاثين عاما لبناء منزل العمر لا يكفي الآن فكل شيء زاد سعره بل تضاعف سعره عدة مرات، واصبح تملك المواطن لمنزل العمر صعبا للغاية.
واضاف ابو شال: بعد طول انتطار لدوري فاق العشر سنوات قرأت اسمي في الصحف فاتجهت فورا لتقديم بقية أوراقي لاستلام كامل المبلغ دفعة واحدة، وكنت خلال هذه المدة قد من الله علي بأن اشتريت فيلا جاهزة فأحببت ان استلم المبلغ من الصندوق لاسدد قسطا كبيرا من الدين الذي عليّ من جراء شرائي للفيلا، فتفاجأت بأن انظمة الصندوق لا تحسب البناء الناتج عن الملحق الارضي والملحق العلوي وبعد حساب منهم قالوا ان مساحة البناء عندك اقل من المطلوب 350 متراً مربعاً مع العلم انه لو حسبوا جميع مساحة المباني مع الملحقين لفاقت 450 متراً مربعاً فلم يكن منهم الا انهم اعطوني المبلغ ناقصا بمقدار خمسة عشر ألف ريال, فبالله عليكم في الوقت الذي يطالب فيه الجميع من مواطنين وكتاب ومهتمين بزيادة المبلغ نتفاجأ بشروط تجعل الكثير لا يستلم كامل المبلغ، وتزداد دهشتي ان المبلغ لا استلمه دفعة واحدة بل على اربعة أقساط وخلال مدة زمنية طويلة لا مبرر لها قاربت العام.
دفعة واحدة
ويعتبر المواطن علي الناصري انظمة صندوق التنمية العقارية قديمة ولا تواكب مستجدات العصر الحالي فأسعار مواد البناء ارتفعت والاراضي في ارتفاع مستمر، والمبلغ المخصص من الصندوق كما هو دون تغيير منذ عشرات السنين ويعتبر حاليا غير كاف اطلاقا بالاضافة الى ان فكرة تجزئة المبلغ أمر لا يحقق الهدف المنشود منه، حيث ان الصندوق يدفع للمستفيد جزءا بسيطا من المبلغ ويطلب منه عدة أمور، وبعد تنفيذها يدفع له مبلغاً اخر وهكذا، وهي أمور يعجز عن تنفيذها المقترض لضيق ذات اليد لديه، مطالبا الصندوق باعطاء المستفيد كامل المبلغ دفعة واحدة لكي يتسنى له بناء بيت العمر ويحقق حلمه في اسرع وقت، لأنه في حاجة ماسة اليه، فلو كان لديه المال الكافي لم يتقدم للصندوق وينتظر تلك السنين الطويلة ثم يتفاجأ بعد طول الانتظار بتقطيع المبلغ وتجزئته.
قرض القرى
واستغرب المواطن عابد الثبيتي من تفرقة الصندوق العقاري بين القرض المقدم للمدن وللقرى مشيرا الى أن اسعار مواد البناء من اسمنت وحديد ومواد صحية وغيرها قد ارتفعت في جميع ارجاء المملكة فسعر بناء الاساس والعظم والدور الاول والثاني والتشطيب ثابت في المدينة والقرية بل انه احيانا في القرى اغلى بسبب اجور الشحن ونقل المواد من المدينة الى القرية فلماذا القرض في القرى لا يتجاوز 200 ألف ريال وهو مبلغ لا يكفي لبناء دور واحد خصوصا مع الارتفاعات المخيفة لاسعار المواد الصحية وكذلك اجرة التنفيذ مما يجعل مبلغ القرض لا يؤدي الغرض منه، وبالتالي استحالة امتلاك السكن.
زيادة القرض
ويرى العمري ان حل المشكلة يكمن في ربط القرض بنسبة سنويا، بحيث يتم مقارنة مبلغ القرض سنويا مع تغير صرف الريال والتضخم الحاصل، فيتم زيادة مبلغ القرض بصفة دورية فهذا سيؤدي لنهضة عمرانية واقتصادية شاملة في جميع مناطق المملكة فالاسعار متحررة بمعنى اننا في سوق حر مقابل سكون وركود في مستويات الأجور وهنا موطن الخلل.
المطالبة برفع القرض
كما طالب الدكتور عبدالرحمن الزامل عضو مجلس الشورى ورجل الأعمال المعروف برفع مبلغ القرض الى خمسمائة ألف ريال بسبب غلاء مواد البناء، وذكر ان مجلس الشورى رفع دراسة لإنشاء فكرة هيئة مستقلة للاسكان وأعد لها نظاما متكاملا للقيادة، وفي نفس الوقت كانت القيادة تفكر في نفس الموضوع ثم صدرت الموافقة السامية بانشاء هيئة الاسكان برئاسة وزير التخطيط وعضوية وزير المالية وممثل من البلديات وبقية الوزارات الحكومية ذات العلاقة وممثلين من القطاع الخاص، واصبحت الهيئة في طور التنفيذ وسيخصص لها ميزانية تمارس من خلالها انشطتها ويكمن دورها بان تقوم ببرامج اسكان لخدمة المواطنين.
مشيرا إلى أن الخيار الأمثل لحل مشكلة السكن لدى المواطنين هو التعاقد وعلى وجه السرعة مع شركات عملاقة محلية أو خارجية لبناء مشاريع ضخمة بها الالاف من الوحدات السكنية، وان دور هيئة الاسكان يكمن فقط في الدخول مع الشركات في مباحثات مباشرة لبناء المشاريع المناسبة.
القطاع الخاص
على النقيض من هذه الآراء يعترض الخبيران عبدالحميد العمري وخالد جمجوم على تأييد قيام الدولة بعمل مشاريع ضخمة اسكانية للمواطنين بل يترك المجال في انشاء المجمعات السكنية للقطاع الخاص ولكن بدعم وتسهيل من الدولة، فان في ذلك تشجيعاً للقطاع الخاص واشعالاً لروح التنافس الشريف بينهم فيما ينعكس ايجابيا لصالح المواطنين من انخفاض لسعر تملك العقار مع جودته بسبب كثرة المنافسين في مجال البناء والتشييد بالاضافة الى حرية اختيار المواطنين لمقر سكنهم المستقبلي، وان دور الدولة يقتصر فقط على التمويل المادي فقط.
حوافز التسديد
وفيما يتعلق بالاستفادة من حوافز تسديد الاقساط المتأخرة وإنهاء مديونيات المواطنين الذين فرطوا في انتظام عملية السداد، دعا مدير عام صندوق التنمية العقاري بالمملكة المهندس محمد بن وصل الله الحربي المستفيدين من خدمات الصندوق الى الاستفادة من المزايا والحوافز التي يقدمها لهم فيما يتعلق بتسديد الصندوق للاقساط المتأخرة وإنهاء مديونياتهم وعن طريقة السداد وجدولتها، أشار المهندس الحربي إلى انه يتم من خلال جدولة الاقساط وتسديدها مجزأة اما عن طريق الرواتب أو الحسابات الشخصية أسوة بالمقترضين الجدد

المصدر/عكاظ

ليست هناك تعليقات: